الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح يثير قلق منظمات الإغاثة
الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح يثير قلق منظمات الإغاثة
يثير احتمال هجوم إسرائيلي على مدينة رفح المدمرة بعد أكثر من 6 أشهر من الحرب، والمكتظة بالنازحين جنوب قطاع غزة، قلق منظمات الإغاثة الإنسانية، في ظل ما تواجهه من مصاعب لوجستية ومستقبل غامض.
وتقول المسؤولة في منظمة أوكسفام البريطانية بشرى خالدي "حضرنا أنفسنا لتوزيع مساعدات بحسب تطور الأوضاع، لكن الواقع أننا لا نملك أي فكرة عما ينتظرنا" وفقا لوكالة فرانس برس.
في 3 أبريل وجهت هذه المنظمة غير الحكومية، بمعية 12 هيئة أخرى، نداء لوقف إطلاق النار مذكرة بأن أكثر من 1,3 مليون شخص، بينهم ما لا يقل عن 610 آلاف طفل مكدسون في رفح "على خط النار مباشرة".
في المقابل لا يكف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن التلويح بشنّ هجوم برّي على رفح، معتبرا أنه بذلك سيقضي على آخر معقل لحماس.
ويعتقد أن حركة المقاومة الإسلامية لا تزال تحتفظ بأربع كتائب في المدينة الواقعة على الحدود مع مصر، بعد 6 أشهر من المعارك الضارية.
تقول إسرائيل إنها تعمل على خطط إجلاء مختلفة بينها خصوصا إنشاء "جزر إنسانية".
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنه يدرس "سلسلة من الإجراءات التي يتوجب اتخاذها تحضيرا لعمليات في رفح، وعلى الخصوص إجلاء المدنيين".
لكن منظمات إنسانية نفت أن تكون أحيطت علما بهذه الإجراءات. بينما لم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة الوكالة بهذا الخصوص.
ونقلت صحف إسرائيلية عن مصادر قولها إن الجيش الإسرائيلي ابتاع 30 ألف خيمة، سيتم نصب ثلثيها خلال الأسبوعين المقبلين قرب رفح، لكن لا يعرف في أي موقع بالضبط.
تعليق العمليات
قال مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أندريا دي دومنيكو "لا أملك أي فكرة عما يعنيه هذا المشروع".
من جهته قال مسؤول الشرق الأوسط في منظمة العمل ضد الجوع غير الحكومية جان رافاييل بواتو "لا نعرف بالتحديد أي شكل سيتخذه الهجوم لكن الأكيد أن المساعدات المتوافرة سيتم تقليصها، وسيضطر الكثير من الناس للنزوح".
ازداد عدد سكان رفح من نحو 250 ألفا قبل الحرب إلى أكثر من 1,3 مليون حاليا. والخيارات المتاحة أمامهم محدودة، فإما اقتحام الجدران والأسلاك الشائكة التي تفصل المدينة عن مصر، وإما محاولة الانتقال نحو شمال القطاع وهو ما يمنعه الجيش الإسرائيلي حاليا، أو النزوح باتجاه البحر.
وتحذر خالدي قائلة "رفح مدينة صغيرة أشبه بقرية، وأي عملية في مكان ضيق ومكتظ إلى هذا الحد ستؤدي إلى مجزرة جماعية".
وتخشى منظمة أوكسفام أن تضطر إلى تعليق أنشطتها في رفح حيث يوجد نصف مكاتبها والمقار التي تؤوي فرقها.
ويصعب على المنظمة حاليا تصور أين يمكن أن تنقل خدماتها، علما أن نحو 60 بالمئة من المباني دمرت أو أصيبت بأضرار في مجمل القطاع الذي لا يزال تحت القصف، فضلا عن القنابل التي لم تنفجر بعد.
سيناريو كارثي
تتخوف منظمات إنسانية أخرى من أن يقطع الهجوم خطوط المواصلات التي تتيح إيصال المساعدات، وهو موضوع يثير خلافات بينها وبين الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب.
ويقول المتحدث باسم مجلس اللاجئين النرويجي غير الحكومي أحمد بيرم إن أي هجوم على المدينة "سيفصلنا عن الشريان الحيوي المتمثل في معبر رفح".
وهو الممر الأكثر استعمالا لدخول غزة ويتيح الوصول إلى مجمل القطاع، حيث نفدت مخزونات الغذاء والأدوية منذ أشهر.
وينبه إلى أن "فرقنا تواجه أصلا صعوبات لتلبية الحاجيات المتزايدة في الميدان"، مذكرا بأبرزها مثل نفاد كل المواد الضرورية، بما فيها الطاقة، والارتفاع الهائل لأعداد الجرحى في ظل انهيار المنظومة الطبية التي تعتمد تقريبا فقط على مستشفيات ميدانية في رفح.
ويلخص موظف في الأمم المتحدة بالقدس الوضع قائلا إن "الظروف الحالية لا تتيح تنفيذ عمليات إنسانية في المستوى المطلوب، فما بالكم بما يمكن أن تسببه معارك على الأرض في رفح".
من جهته أضاف دومنيكو، أن فتح معبر بيت حانون (شمال) يجب أن يرافقه تأمين مستودع لتخزين المساعدات بالقرب منه.
ووصف الجهود التي يتوقع أن تبذلها فرق الإغاثة "بالهائلة".
لكنه أكد بالمقابل عدم اتخاذ أي مبادرة لإنشاء مخيمات إيواء عاجلة قائلا "لن نستبق ذلك ولن نشجع عليه".
واستطرد موظف الأمم المتحدة في القدس موضحا "يجب أن نكون مستعدين لتقديم المساعدة الإنسانية للناس حيث يوجدون، لكن الأمم المتحدة لن تشارك في أي ترحيل قسري".
الحرب على قطاع غزة
عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية.
وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 34 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 77 ألف جريح، إضافة إلى نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.
ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.
وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم أكثر من 600 من الضباط والجنود منهم 225 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 6 آلاف جندي بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.
في الأول من ديسمبر الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع والمطالبات الدولية والأممية بزيادة وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".